16 - 08 - 2024

مدينتي الفاضلة| أنصر أخاك ظالما أو مظلوما

مدينتي الفاضلة| أنصر أخاك ظالما أو مظلوما

وسط سكون الجمعة 11/12/2020، انطلق صوت خطيب مسجد عمارة ناصية تطل على نادي الشمس.. خطابه الحماسي يٌرهب الجدران والوجدان.. بدأ كالعادة بالدعاء لمرضي المسلمين فقط، والدعاء على الكفار واليهود وصولا إلى تكرار النداء "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، ولم أعلم هل تطرق لتفسير نصرة الظالم، أم ابتعد عن الميكروفون!! وظل المعني المباشر لتكرار أمر "أنصر الظالم" يطن في أذني ساعات!! فهل ما عادت خطبة الجمعة مُنقحة أو موحدة!!

في لحظة تذكرت واقعة "نصرة ظالم" – المبنية على فهم خطأ - حدثت منذ سنوات لجارتي مالكة العقار المسيحية، التي رأت أن زواج ابن المستأجر الأصلي في شقة بإيجار قديم 20ج من 50 سنة، هو اغتصاب لحقها، لأن والديه أغلقا الشقة لتسقيعها منذ سنوات!! لجأت المالكة بثقة للقضاء فطلب شهودا، لجأت للجيران شهود العيان، فقالوا لها ما أعلنه خطيب الجامع "حرام على المسلم الشهادة ضد مسلم!!"، وانتصر الظالم بفضل خطيب يُعلِم طاعة الله وفق توجهه، وترهيبا بالعقاب، وليس طاعته للتنعم بفضائل السلوك دنيا وآخرة!! 

وهكذا يتفاقم الظلم وتغتصب الحقوق بباطل العلم أو النوايا، ومنها اغتصاب أجيال لحق مُلاك العقارات القديمة.. وبتأجيل الدولة اعلان تعديل قانون الإيجارات القديمة الجائر فهي تنصر الظالم.. الدولة اليوم تعرض عقاراتها للتأجير بشروط تؤمن حقوقها باعتبارها مسؤولة عن حماية حقوق الشعب.. وبالمثل عليها واجب استعادة حق، ونصرة أكتر من مليون مالك عقار قديم، يتوارثه مستأجروه بوضع اليد!! 

ظل صراخ الخطيب يَحُض مستمعيه في مصر الجديدة على نصرة المسلم الظالم، فكيف يدهشنا استمرار التعدي على المسيحيين وممتلكاتهم في مستنقعات خوف الجهل بنجوع وقرى الصعيد، ولنا في المنيا أبلغ مثال!! بالإضافة إلى ما قد يتضمنه اختيارات الخطيب لأحاديث – لا يكملها - من أهداف أو توجهات تهدد أمن الجميع!

دُرت أبحث توثيقا للمعنى الكامن الواضح لنصرة الظالم، فوجدت ما توقعته مع د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، قال ان حديث "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" ورد في " صحيح البخاري" في باب المظالم عن أنس رضي الله عنه.. وأن الرسول عليه الصلاة والسلام سئل كيف ننصره ظالما فقال "تأخذ على يديه" وقال " تكفه عن الظلم، فذاك نصرك إياه" صدق رسول الله.. وأضاف، نصرة المسلم لأخيه المسلم بالحق والباطل هو فهم خاطئ للبعض، ولا يصح أن يصدر من عقل سليم يعرف مكانة النبوءة والأنبياء، وأن المقصود هو واجب منعه من هذا الظلم، لأن فيه نصرا على شيطانه الذي يغويه، وعلى نفسه التي تطغيه". 

أرى أن إغلاق دور العبادة احترازيا هو إنذار لنتعبد كشعب ببصائر مفتوحة تناجي الخالق وحده.. لأن صحيح الدين بسيط، يفهمه الطفل.. الفيروس يجول يحصد الأرواح والأرزاق، ينشر الحزن والخوف، ليكن رجال الدين جنودا لله، ليتقبل منهم ومنا دعاء رفع الوباء والغلاء عن العالم. آمين.
----------------------
بقلم: منى ثابت

مقالات اخرى للكاتب

مدينتي الفاضلة | مين قطع النور عن مين؟!